تاريخ الدولة البرتية والساسانية في العراق
الدولة البرتية(12٦ ـ 22٦ بعد البلاد)
لما
ضعفت الدولة السلوقية اليونانية التى قامت على انقاض الاسكندر الذى قرض الدولة
الكيانية اغتم البرتيون هذه الفرصة واجتمعوا وخرجوا على السلجوقیين وهكذا استعلى
على العرش البرتيون ، وقد احتلوا العراق والمناطق الأخرى بعد حروب دامية ومعارك
سامية الوطيس التى نشبت بين اليونانين السلوقين وبين البرتيين ، وتمكنوا من إخضاع
أهلها والفتك بهم فتكا عظيما ، إذ جعلوا قطيستون عاصمة لهم بدلا من سلجوقية ، قد
سمى العرب هذه المدينة طيسفون وسماها اليونان اكتيسفون . (على ظريف الأعظمي، تاريخ الدولة الفارسية في
العراق، ص 27)
الدولة
الساسانية فى العراق:
لقد
وجد السكان حرية كاملة ظل الحكومة البرتية ، و أبقت الحكومة القوانين السابقة والشرائع
المعهدوة ولم يغيروا ديانات البلاد ولا عقائدها وساد الأمن البلاد كلها مع حرية
كاملة ، ولم يمض زمن طويل بعد أن استقر أمر البرتيين وتمكنوا من تأسيس دولة كبيرة
تضم أقاليم عديدة ، حاولوا أن يجمع ضمن حكومتهم سورية ، فنشبت الحروب بين البرتين
وملوك سورية وكانت الحروب يتعاقب فيها النصر والهزيمة بين الدولتين حتى انهت أكثر
مدنهم فى نزاع وحروب مستمرة وكما ساعدت فى تفويض البلاد الحروب والفتن الداخلية
التى تطرأ من حين إلى حين ، حتى انقرضت دولة البرتيين ، وهنا اغتنم الرومانيون
فرصة تلك الاضطربات الداخلية والخارجية والفتن المتوالية ، وقد فوضوا بنيان هذه
الدولة ، واجتمع رهط من الميدبين وعزموا على محو تلك الدولة التى ظلت فى الحكم
عليها خمسة أجيال .
أسس
حكم الأسرة الساسانية أردشير الأول ، الذى جعل الزردشتية المجوسية ديانة الدولة
الرسمية ، وظل الملك حاكما على العرش حوالي خمس عشرة سنة من 22٦ ـ 2٤1 م بعد
الميلاد وقد أنشأ فى العراق مدينة بهوسير ، بناها على دجلة تجاه اكشفون فى الجانب
الغربى ، عدة حصون وقلاع ومنها قلعة كبيرة بالغرب من موقع البصرة وإلى غير ذلك من
الأنهار وما جدده من المدن منها مدينة سلوقية فإنه جدد بنائها فسميت بعد حين
اردشير . (على ظريف الأعظمي،
تاريخ الدولة الفارسية في العراق، ص 33)
وجاء
بعده ابنه شاه بور الأول ، ودام حكمه 2٤1 ـ 271 م ، وهو الذى أدخل القسم الأعظم من
جزيرة العرب تحت حماية الفرس ، وبنى فى العراق مدينة تكريت التى صارت بعد ذلك
مركزا للسياقية النصارى .
وتولى
بعده ابنه هرمز الأول سنة 272 ثم بهرام الأول ، وخلفه بهرام الثاني سنة 27٦ ، ثم
بهرام الثالث سنة 293 ، ثم جاء بعده هرمز الثاني سنة 302 ـ 309 .
ثم
جاء على العرش شاه بور الثاني ، سنة 309 م، وكان صغيرا جدا ، وينظر أمور الدولة
الذى صار وصيا عليه ، وصارت الأحوال فى بادئ ذى الأمر مضطربة ، ولما بلغ السادسة
عشرة عند من عمره ، وتسلم زمام الأمور وأخرج العرب الذين كانوا يسقون الغارات
وينعمون ويأخذون الغنائم من بعض البلاد الواقعة على الأطراف ، حيث تمكن من القتل
بالعرب ، وفضل من اياد وتميم عددا كثيرا من العرب ، وتخلص من العرب .
ولم يكن مقتصرا على العرب وحدهم ، بل
اتجه إلى النصارى وقتل كثير منهم ، وأصدر أمرا بمضاعفة الجزية السنوية التى فرضت
عليهم . وذلك سنة 339 م. (على ظريف
الأعظمي، تاريخ الدولة الفارسية في العراق، ص 36)
وأمر
بهدم الكنائس ثم قتل جماعة من الأساقفة . وهو أول من اضطهد النصارى من الملوك
الساسانين وهو الذى بنى حديثة آلوس الواقعة فى جزيرة صغيرة فى وسط الفرات .
وقد
تولى بعده أخوه أردشير الثاني ، 379م ثم خلع سنة 383 م، وأجلس مكانه شابور الثالث
، ثم بهرام ، سنة 388 م ، وتولى بعده
يزدجر الأول الملقب بالأثيم سنة 399 م ، وكان يحب العرب ويكرمهم وكان النعمان
الأول ملك الحيرة له منزلة رفيعة عنده ، وخلفه ابنه بهرام الخامس ، ٤20 م ، وهو
الذى رباه النعمان الأول ملك الحيرة ، وساعده على لبس التاج لأن الفرس اختلفوا
فيمن يتولى عليهم من أولاد يزدجرد . ولذلك أحب هذا الملك العرب كثيرا جدا، ورفع منزلة ملك الحيرة وأعلاه شأنا ورفعة على
سائر الملوك ورجال دولته ، وهكذا اعتلا شأن
العرب فى عهده .
ويعاقبه
يزدجرد الثاني سنة ٤38 م ، ثم هرمز الثالث سنة ٤57 سنة ، ونشبت الحروب بينه وبين
أخيه حتى انتهى على قتله ٤٦0م ، وقد قتل هذا الملك فى المعركة الحربية مع الروم
وذلك سنة ٤8٤ م ، مختلفة بلاش باني مدينة ساباط ، ثم استبدلت الحكومة بقباذ وفى
هذه الفترة ظهرت الشيوعية فى بلاد فارس ، وكادت الشيوعته تسرى إلى بلاد العراق ،
ثم خلع عن عرشه وأجلس مكانه زماسب ، وحبس قباذ ، ولكن فر قباذ من الحبس بمساعدة
أخته ، ثم خرج واستنجد بالبرابرة وزحف على أخيه وغلبه وهزمه بعد حرب سعيرة ، وعاد
إلى العرش مرة ثانية ٤98 م ، ورأى أن الفرس كانوا قد غضوا عليه بهذا المذهب
الشيوعى ، فمرق عنه وتظاهر بالمجوسية ، وتولى بعد قباذ ابنه كسرى انوشروان العادل
سنة 531 م ، فأصلح أمور الدولة ، وقام باصلاحات كثيرة ، ونظم نظام الجيش ورعيته
ترتيبا جديدا وأقام العدل والإنصاف بين الشرائع التى وصفها اردشير الأول .
لقد
تطورت البلاد ولا سيما العراق فى زمنة تطورا هائلا ، وازدهرت الزراعة والتجارة
ونمت نموا كثيرا جدا ، وصار مركزا للعلماء ونبغ منهم جماعة من النصارى في الطب
والفلسفة وإلى غير ذلك من الفنون والعلوم واستخلفه هرمز الرابع سنة 579م ، واحتدمت
الحرب الداخلية بينه وبين القائد العام بهرام ، ثم جاء على العرش ابنه 590 م كسرى
برويز أو كسرى الثاني ، وتعاقب الملوك ، وتوالت الحروب بين الفرس والروم حتى جاء
زمن يزدجر الثالث على العرش ، وقد ضعفت الدول الساسانية من الفتن الداخلية وزادها
ضعفا، بتوغل العرب المسلمين فى العراق وحروبهم الشديدة مع الفرس منذ أيام أردشير
الثالث وأيام الخليفة الأول أبى بكر الصديق ، وكان هذا الملك يتعرض للفتن الداخلية
كما يصد هجمات العرب الذين قد وفدوا للفتح ، ثم جاء زمن عمر بن الخطاب وقامت دولة
الإسلام فى العراق وانقرضت منه دولة الفرس التى حكمته ٤10 سنة منذ 22٦ ـ ٦37م. (على ظريف الأعظمي، تاريخ الدولة الفارسية في
العراق، ص 38)
قد
رأينا خلال هذه الفترة التاريخية الحكومات التى توالت على العرش ودامت زمنا طويلا
حتى انتهت هذه الحضارة بظهور الإسلام فيها ، واستحالت هذه البلاد كلها إلى الحضارة
العربية الإسلامية الجديدة والتى ما زالت موجودة آنذاك.
لقد
مر ذكر الروابط والصلات التى تآزرت أواصرها بين العرب والفرس بعد الإسلام، وكيف
كان الرسول أرسل الخطابات الدعوية إلى كسرى برويز الذى مزقه بعد أن قرأ اسم محمد
صلى الله عليه وسلم والبداية كانت
بالبسملة ، فأخبر الرسول صلى لله عليه وسلم بذهاب ملكه وتمزقه بهذه الجسارة
السيئة ، وهكذا كان .
ومن
المناسب أن أذكر شخصية إسلامية روحانية عظيمة المنزلة قوية الشأن والشوكة ولها دور
كبير فى الناحية السياسية والحربية، ألا وهي شخصية سلمان الفارسي رضى الله عنه ـ
وقد حطيت بمكانة عالية ومنزله لا تسمى ، ولا يبلغها إلا غيره ، وهو الذى أشار على
الرسول صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك بحفر الخنادق ، وكان يعرف ذلك أشد المعرفة
، وتلك أكبر دلاله بين ترابط ثقافي واتصال حربى سياسي بين هاتين الحضارتين .
وبدأت
هذه الروابط تتوطد وتتوشج بينها فى عهد الخلفاء الراشدين ولا سيما تعرضوا لفتح
البلاد الفارسية وظهور الإسلام فيها توغلا وانتشارا ، وقد طال بى الحديث عن
الفتوحات ودخول المسلمين في هذه المناطق واختلاط الفرس بالعرب من نواح شتى وجوانب
متعددة .
وامتدت
هذه الروابط والأواصر بينها إلى منتهاها فى العصر العباسي ، وقد ظهرت الحضارة
الإسلامية متألقه بالأمة الإسلامية بعد امتزاج كامل بالحضارة الفارسية الإسلامية
العربية إذ جعلوا الثقافة الإسلامية دستورا لهم وأكبوا على تعلم اللغة العربية
فصارت لحمتهم وسداهم .
وأود
خلال هذا البحث التطلع إلى الظروف السياسية والأحوال الحكومية بأن الحضارة
الفارسية أو الفرس كيف أثروا فى الحضارة العربية وخاصة بنو العباس على العرش
بمساعدتهم ومساندتهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق