تأثير الحضارات اليونانية والهندية والإسلامية على الأدب العالمي
لقد رأيت الناس يعجون بالثقافة اليونانية ويقبلون عليها احتراما وتقديرا، ويحسبونها معجزة لم تتأثر بأي حضارة من قبل ولم تحتك بأي ثقافة سبقتها، وكانت الحضارة الإسلامية امتدادا وتطورا لها، فكانت هذه الأفكار تخطر على بالي فتهيجني صدراً و تجيش بي روعة بأن أرفع القلم لأبين الحق وأنصف الموضوع، ومن ثم وجدت في نفسي صدى يتردد لهذا الموضوع منذ أن كنت التحقت بهذه المرحلة بهذه الجامعة المؤقرة، فاخترت هذا الموضوع استجابة لرغبتي وموافقة لميلي، تجاه الثقافة الإسلامية والحضارة العربية السامية إذ كنت أفكر دأئما أن أجعل دراستي العليا حول هذه الموضوعات الدينية وألاّ أخرج عن نطاقها آملا الأجر في الآخرة وحبا للاستطلاع على كنوز هذا الثقافة العظمى والمعرفة عن عجائبها ومدى تأثيرها في الآداب العالمية الأخرى.
وقد أضفت إلى هذه الحضارة اليونانية الحضارة الهندية لكونها قديمة وأكثر ارتباطا ببقعتنا، وكانت الحضارة الهندية أيضا من الحضارات القديمة ذات الصلة القوية بين الحضارة العربية القديمة ليكون الموضوع موضوعا دقيقا يفئ بحاجات مرحلة الدكتوراه ومتطلباتها.
لا شك أن هذا الموضوع موضوع إسلامي حضاري ينسجم مع رغبتي ويتناغم مع عاطفتي ومشاعري، كما أنه يحقق أمنيتي ويروي غلیلي تجاه هذه الفجوة القائمة والخليج الهائل الذي أقامه الغرب متعصبين غير متحايدين، وقد أهملوا منزلة الحضارة الإسلامية وأهميتها، وأعرضوا عما تحمل هذه الحضارة الإسلامية من قيم خالدة وروح إنسانية شاملة وأفكار صالحة وهداية بشرية.
مما يعطي هذا البحث أهمية بالغة أنه يستعرض استعراضا كاملا لهذه الحضارات الثلاث المذكورة أعلاه في جوانب مختلفة ونواح شتى من سياسية واجتماعية واقتصادية وموضوعية وفكرية فضلاة عن عقيدة ومذهب وبلورة الانتاج الفني الرائع ونظم سياسية سادت فترة من الفترات التاريخية المعينة.
ومما يضيفى على هذا البحث منزلة رائعة أن هذا الموضوع يفتح آفاقا جديدة أمام البحث الأدبي وأبوابا ذات بال تهدف الى المقارنة بين الحضارات العالمية العريقة الراقية من حيث خصائصها الفنية وما طرأ عليها من تأثير الحضارات الأخرى لغة وموضوعا فكرا وفنا وسياسة اقتصادا ومذهبا وعقيدة، مما يجعلنا أن نطلع على هذه الثقافات والحضارات عن قرب وكثب.
وهناك أسباب أخرى قد ساقتنى إلى الكتابة في هذا الموضوع هو اقتناعى يجدواه وجدته ولا يفوتنى أن أذكر هنا بكل فخر واعتزاز الذي أذكى في نفسي جذوة الكتابة في هذا الموضوع، - وإن كنت مضطربا إلى حد ما في ذلك ولم أكن مستعدا ولا متحسماً - فاستعرضت هذا الموضوع استعراضا كاملا ووجدته مثيرا وجديدا وفيه ابتكارا وإنشاءً.
وقد أتاح لى هذا البحث فرصة تذوق الحضارة العربية الإسلامية عن قرب وكثب، وبالإضافة إلى الحضارة اليونانية والهندية كذلك، وقد لاح لي خلال ذلك كيف أن الحضارة الإسلامية أكثر شمولا وأدق صلة بالفرد والمجتمع لفلاحه وكرامته.
ومن البواعث الحافزة على هذا الاختيار أن هذا الموضوع جديد في نوعه ويلفت أنظار الباحثين ليلجوا في مثل هذه الموضوعات في المنهج المقارن ولا سيما إبراز محاسن الحضارة الإسلامية والثقافة المحمدية التى أنزلها الله سبحانه وتعالى في حيز القرآن الكريم والحديث الشريف. وكما أنه صالح لمرحلة الدراسة العليا حجماً وكماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق